كان السي الخمار، فقيه (لمسيد) معروفا لدى كل أطفال حي (الرصيف) بمدينة فاس. فالشيخ يواظب على حانوته مند سنوات أين يلقن في نفس الوقت الصغار القران الكريم، ويخيط الجلابيب
التقليدية والقفاطين للنساء، إضافة إلى اشتغاله بالسحر التي تدعي
النسوة براعة الشيخ فيه، سواء تعلق الأمر بجلب الحظ في الزواج
أو العمل أو دفع النحس ومنح القبول أو تعلق الأمر بتفريق مجتمعين
أو تغليب ظالم على مظلوم .
وقد ذاع صيت الرجل في كل إانحاء المدينة، ما جعل المال يجري في يده جريان الماء لسهولة الحصول عليه، ومع ذلك ظل وفيا لحانوته ولعصاه الطويلة التي تبلغ الصغار في آخر الصفوف، كما تبلغ (لمتعلمين) خارج الحانوت يفتلون الخيوط في حركة سريعة ومضبوطة تتشابك فيها أصابعهم وتتباعد في دقة متناهية.
ولم تكن عصاه لهذه الأغراض فقط فقد كانت سلاحه الذي يستعمله
في طرد الجن من أجساد مريديه، ولشدة اعتقاد الناس في بركاته وخصوصا النسوة منهم فقد اقتنع فعلا انه قادر على تحقيق المعجزات، وانه مسيطر على أنواع من الجن تأتمر بأمره. وهي
القناعة التي دفعت احد باشوات المدينة للتوجه إليه طالبا منه
أن يستعمل كل سلطانه لدى الجن وتسخيرهم في الضغط على قضاة محكمة لهاي فيقولون بمغربية الصحراء.
بات الشيخ (الفاسي) ليلته (يعزم) و(يبركم) وينثر أنواعا من البخور الطيب تارة والكريه الرائحة تارة أخرى، وقبل أن يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من النهار صعد اقرب قمة جبلية
لمدينة (فاس) وأطلق العنان لصوته (الصحراء مغربية) فكان الصوت يرتد صداه في الأرجاء، ما اشعر الشيخ بنشوة عارمة ملكت عليه نفسه وأوهمته أن ما يسمعه هي أصوات قضاة المحكمة
وان استغرب في البداية إتقانهم للدارجة المغربية، لكنه ارجع الأمر بعد ذلك للجن الذين سخرهم.
ويقال أن الشيخ لم ينزل منذ ذلك اليوم إلى ارض (فاس) ، ولازم
مكانه يصرخ فيرجع الصدى